التقويم في ظل المقاربة البيداغوجية بالكفايات

الرايس

تقويم الكفايات:

قبل الحديث عن التقويم في ظل المقاربة البيداغوجية بالكفايات، لا بأس أن  نذكر ببعض الخصائص المميزة لهذه المقاربة، والتي بمقتضاها تتغير الأدوار والوظائف المرتبطة بالعناصر المشكلة للعملية التعليمية التعلمية، وتتخذ أبعاداجديدة.
فالمقاربة بالكفايات، كما هو متداول في الأدبيات التي اهتمت بصياغة عناصر هذه المقاربة وتحديد خصائصها:
     -- نشاط وظيفي موجه لحل وضعية / مشكلة.
     -- نشاط يرتكز على الأداء الذي يحقق الفعالية والجودة والابتكار.
     -- نشاط شمولي ومندمج، يرتبط بمختلف أبعاد شخصية المتعلم، وينفتح على محيطه.
     -- نشاط يرتبط بمادة التخصص، ينطلق منها ويعمل على تطويرها.
     -- نشاط يجعل المتعلم مستثمرا للمعرفة ومنتجا لها، بدل اقتصاره على استهلاكها.
     -- نشاط يقوم فيه المدرس بدور التوجيه والإنصات والتنشيط والتخطيط لدروسه وفق تصاميم تراعي الفروق الفردية للمتعلمين، وتضمن تفاعلهم مع الأنشطة المقترحة عليهم، ومع محتويات التعلم التي تؤهلهم لاكتساب مهارات بأبعاد وظيفية تنفتح على المحيط الخارجي.
     -- نشاط قابل للتقويم وتحديد درجة التمكن؛ ذلك أن التقويم في ظل هذه المقاربة يستهدف تقويم مدى التمكن من المهارات وليس المعارف، ويكون ذلك في إطار وضعيات مركبة يوظف فيها المتعلم كفاياته المعرفية والمنهجية والتواصلية واللغوية، ويستخدم فيها تعلماته بكيفية مندمجة لحل مشكل مطروح( القدرة على الفعل والتحويل بتجنيد إمكاناته وموارده وإعادة توظيفها في سياق وضعيات جديدة).
                                          
فالكيفية التي يستثمربها المتعلم تعلماته ويتصرف بها تجاه حل هذا المشكل أوذاك، هي المؤشر
 على تحقق الكفاية؛ ولذلك، فإننا لا يمكن أن نصف متعلما، في ظل هذه المقاربة، بأنه قد تعلم في أداء جزئي، بل في الكيفية التي سيتصرف بها تجاه مشكل مركب ؛ فإذا كانت المعايير واضحة وصريحة في التمارين الجزئية، فإن ثمة صعوبة لإيجاد معايير لتقويم الوضعيات المركبة. إن هذه المعايير تتميز بكونها كيفية أكثر منها كمية، ولذلك يميل التقويم في المقاربة بالكفايات إلى استخدام وضعيات مندجة مركبة.
يميز أحد الدارسين( leopold paquay) في تقويم الكفايات، بين مقاربتين:
1.   مقاربة تحليلية ذات بعد تكويني، يتم الاهتمام فيها برصد الأسباب التي جعلت الكفاية لم تتحقق، وبنوعية المعارف التي لم يتم التحكم فيها، وبالعمليات التي ينبغي تطوير أدائها، وبنقط الدعم التي يمكن أن يعتمد عليها المتعلم لتحقيق التقدم المطلوب.        
2.   مقاربة منطلقة من مبدأ الاستقلالية، ذلك أن امتلاك الكفاية وفق هذه المقاربة يعني امتلاك التكيف مع حالات خاصة وغير  متوقعة. والقدرة على التكيف مع الوضعيات التي يصادفها المتعلم تتطلب بالضرورة شروط الاستقلالية.
   تشكل لحظة التقويم بالكفايات وفق المقاربة التحليلية هي لحظة حوار تكويني وتحفيزي بامتياز، لأنها تطور أداء المتعلم وتقوي قدرته على التقويم الذاتي، وتأخذ وجهة نظره وملاحظاته بعين الاعتبار.
إن تقويم القدرات والمهارات والمواقف العامة التي اكتسبها المتعلم بعد قطعه مسارا تعليميا معينا، يستدعي بل يتطلب التحديد الواضح للمعايير والمواصفات المرجعية لهذا التقويم، بناء على التحديد القبلي والدقيق لمواصفات الكفايات المستهدفة التي يسعى المنهاج التعليمي إلى تنميتها لدى المتعلم. ولأن الكفاية كما يقول كزافيي روجرز/(ROEGIERS-  XAVIER) مجموعة مندمجة من القدرات التي تمارس بطريقة تلقائية ضمن نوعية من الوضعيات، قصد حل المشكلات التي تطرحها تلك الوضعيات، فإن محددات وضوح امتلاك الكفاية وتقويمها سيكون صعبا.
إن تقويم قدرة المتعلم على فعل ما، وتأسيسا على التعريف السابق لمفهوم الكفاية ، لايمكن أن يتم إلا في سياق وضعية مندمجة يقوم فيها المتعلم بإنجاز مهمة أو حل مشكل من المشاكل، ذلك أن الكفاية مفهوم مجرد، وسلوك معقد لا يمكن تقويمه بكيفية مباشرة، بل ينبغي الاستناد فيه إلى الأنشطة المرتبطة بوضعية ما. وحينئذ يشعر المتعلم بأهمية ما هو بصدد اكتسابه من كفايات.
إن هذه الوضعية الاندماجية المركبة التي يفعل فيها المتعلم معارفه ويصرف فيها مهارته ومواقفه، تمكنه من تقويم مدى تحقق الكفايات المستهدفة عند نهاية وحدة دراسية أو مجزوءة تعليمية أو بعد قطعه مسارا تعليميا محددا؛ ثم إن بناءالوضعيات التقويمية الاختبارية وفق المقاربة بالكفايات، ينبغي أن يقوم على استحضار بعض المتطلبات والمبادئ، نذكر منها:
        -- التنويع في أنشطة التقويم؛ إذ لا ينبغي أن يكون التقويم نمطيا.
                                          
        -- لا ينبغي أن يكون التقويم سريعا، فتحصيل الخبرات والمكتسبات الأساسية لضبط مستوى التلاميذ يتطلب الدقة خلال تخطيط الفروض وبنائها وتصحيحها.
       -- عدم التركيز في التقويم على المعارف منزوعة من سياقها ومن الوضعيات التدريسية التي أدت إليها، والحرص على الانطلاق من أجواء هذه الوضعيات لاستيحاء أشكال التقويم الممكن اعتمادها في فروض المراقبة المستمرة، لأن ذلك يرسخ الكفايات والمهارات المكتسبة.
      -- استثمار التقويم في تشخيص الصعوبات الفردية ومعالجتها بمقاربة بيداغوجية فارقية، فالمتعلمون لا يواجهون نفس العوائق.
     -- التخلي عن التوظيف الجزائي للتقويم وتشجيع المتعلمين على الرغبة في تقويم كفاياتهم من خلال الاندماج الطبيعي للتقويم التكويني في الوضعيات /المشكلة. 

Tags