أنواع التقويم و أنواعه و وظائفه

الرايس

1ـ مفهــــوم التــقــويـــم :

تجدر الإشارة إلى صعوبة استقرار مفهوم التقويم على تعريف نهائي جامع و مانع، ولذلك يمكن الاكتفاء باستعراض مجموعة من التعاريف ، تركب فيما بينها لاستخلاص تعريف  يتضمن مختلف السمات المرتبطة بفعل التقويم ؛ وفي هذا السياق نستعرض التعاريف الآتية :
أ ـ يشير      Ronald  LEGENDRE  في معجمه L éducation   Dictionnaire actuel de -1988      إلى أن المعنى العام للتقويم هو( إصدار حكم كيفي أو كمي على قيمة شخص أو موضوع أو سيرورة أو وضعية ،وذلك بمقارنة الخصائص الملاحظة مع قواعد معروفة ، وانطلاقا من معايير واضحة ، بهدف توفير معطيات صالحة لاتخاذ قرار حول المسار المعتمد لبلوغ غاية أو هدف.. وأما المعنى (الدوسيمولوجي ) فيعني تقدير القيمة الكلية لنظام تكوين أو لدرس ..
ب ـ ويعرف G .DELANDSHER  ، التقويم بأنه "تقدير بواسطة نقطة " وبتحديد أدق يمكن تعريفه بأنه سيرورة منتظمة تستهدف تحديد النطاق الذي تحققت فيه الأهداف التربوية من قبل المتعلمين " Dictionnaire de l évaluation et de la recherche en éducation -1979
ج ـ يرى الدكتور محمد عبد العزيز عيد أن التقويم " عملية الوصف الدقيق للحصول على المعلومات المفيدة للحكم على بدائل القرار " ويعرف أيضا بأنه   "تحديد مدى التطابق فيما بين الأداء والأهداف " ( محاضرات في التقويم التربوي) ، ص10 ،1983...
د ـ ويذهب الدكتور أحمد عودة إلى أن تعريفات التقويم تعددت تبعا لنماذج التقويم وأغراضه ، ويبقى القاسم المشترك بين هذه التعريفات هو أن " التقويم عملية منظمة لجمع وتحليل
المعلومات بغرض تحديد درجة تحقيق الأهداف التربوية ، واتخاذ القرارات بشأنها لمعالجة جوانب الضعف ، وتوفير النمو السليم المتكامل من خلال إعادة تنظيم البيئة التربوية وإثرائها .." ( القياس والتقويم في العملية التدريسية ) ص25 ، 1998
هـ ـ يستنتج الأستاذ مادي لحسن ، بعد عرض مجموعة من التعاريف الخاصة بمفهوم التقويم أن الهدف من التقويم ( هو اتخاذ قرارات ملائمة وصحيحة ومضبوطة  في حق المتعلم ، وذلك في أوقات مناسبة ولوظائف مختلفة ) (التقييم الدراسي ، أنواعه وتطبيقاته نص 22/ 1991 )
وـ ويعرف الدكتور محمد فاتيحي التقويم بأنه ( إعطاء قيمة للسلوكات والأشياء ، وهو أيضا إصدار حكم معنوي ونوعي بخصوص الأفراد والأشياء ، وفي مجال التربية  يكون تقويم الأفراد بناء على نتائج القياس ..) (  مناهج القياس وأساليب التقويم ، ص 14، 1995 )
زـ ويشير الأستاذان ميلود حبادو ، ومحمد فتوحي إلى أن التقويم ( عملية فحص منظم وهادف لتقويم مدى بلوغ المتعلمين للأهداف المرجوة وتقويم مدىفعالية عناصر المنهاج التعليمي ،
وذلك بواسطة أدوات قياس مناسبة  قصد اتخاذ قرارات ملائمة ) (مقومات التقويم التربوي الحديث          الملحق التربوي لجريدة الاتحاد الاشتراكي 23 /10 /1992)
حـ ـ ينتهي  Y.ABERNOT، بعد استعراض دلالة فعل قوم evaluer والحديث عن إشكالية التقويم وتعدد تعريفاته ، وتوزعه بين التقريبية والدقة  إلى اقتراح تعريف يرى (أن التقويم يقوم ـ بمساعدة مجموعة من المعايير ـ على قياس أو تقدير مدى تحقق الأهداف ، أو درجة اقتراب منتوج ما من هذه الأهداف ، استنادا إلى قاعدة معينة .. )les methodes d évaluation scolaire . p10 . 1988
طـ ـ ويعرف J.M DE KETEL التقويم بأنه ( اختبار درجة التــلاؤم  بين مجموعة من المعلومات  ومجموعة من المعايير الملائمة لهدف محدد، قصد اتخاذ قرار ما ..) docimologie.p10.1985


2 ـ وظائف  التقويم وأنواعه .

2ـ1 الوظائف .

 تتعدد وظائف التقويم تبعا لغايات وأهداف المنهاج التعليمي . ويمكن الوقوف بشكل عام ـ عند وظيفتين اثنتين :
أ ـ وظيفة اجتماعية ، تتحدد في :
·       ما يوفره التقويم من معطيات لانتقاء الأفراد بحسب كفاءاتهم، مما يسمح لهم بشرعية الارتقاء الاجتماعي .
·       ما تمنحه نتائج التقويم من شهادات تعترف لحامليها باكتساب المؤهلات  والقدرات التي
·       تمكنهم من ولوج الوظائف الإدارية أو المهنية ، وفقا لذلك التعاقد الضمني داخل   
                                
المجتمع ، والذي يقوم على احترام قانون التفاضل بين الأفراد تبعا للكفاءة المعرفية أو المهنية لكل واحد منهم ...
ب ـ وظيفة تربوية  تأخذ مظهرين اثنين :
·       يتجسد الأول في الدور الأساس الذي يمارسه التقويم ، لتطوير المنظومة التربوية ، باعتباره يكشف الواقع الفعلي لمكتسبات المتعلمين ، ويمكن القائمين على الفعل التربوي بالمعطيات التي تساعدهم على مراجعة المناهج وتعديلها ...
·       يرتبط المظهر الثاني بالأول من حيث العلاقة المباشرة بين التقويم ومكونات العملية التعليمية ، وذلك من خلال ما يوفره التقويم للمدرسين من إمكانية تعرف المسار الذي يسلكه تحقق الأهداف أو الكفايات المستهدفة ، ومساعدتهم على تطوير ممارساتهم التدريسية ؛ وفي موازاة مع ذلك يسمح للمتعلمين بمعرفة مسار تعلمهم واستدراك تعثراتهم ... وتبرز هذه العلاقة بشكل جلي فيما يبيحه التقويم من مشروعية الحكم
     على المتعلمين ، واتخاذ القرارات المرتبطة بنجاحهم أو رسوبهم ..

 2.2 الأنواع:

  إذا كانت العملية التعليمية التعلمية صيرورة متطورة ، تتدرج عبر أنشطة تعليمية تنجز في حصة واحدة ، لتمتد إلى دورة أو سنة دراسية ، فإن التقويم مكون أساس داخل هذه الصيرورة ، باعتباره مصاحبا لجميع مراحلها ؛ وتتجسد هذه المصاحبة عبر أنواع للتقويم ، تختلف باختلاف الأهداف المحددة لكل مرحلة .. ويغلب في الخطاب التربوي المرتبط بالتقويم تداول ثلاثة أنواع أساسية هي :

أ ـالتقويم التشخيصي :

يتحدد مفهوم هذا النوع في كونه ( إجراء نقوم به في مستهل عملية التدريس من أجل الحصول على بيانات ومعلومات عن قدرات ومعارف  التلاميذ السابقة والضرورية لتحقيق أهداف الدرس ) معجم علوم التربية ، الفاربي وآخرون
ويعرفه معجم LE GENDRE  بأنه (نموذج للتقويم، يستهدف تقدير السمات الفردية لشخص ما ، والتي تؤثر سلبا أو إيجابا على مساره التعليمي )
وتنحصر وظيفته في تمكين المدرس من معطيات تسمح له بتعرف المكتسبات الحقيقية للمتعلم لاستثمارها في المسار التعليمي المقبل ؛ وقد تمتد هذه الوظيفة إلى التلميذ ، حيث يتمكن من اختبار مدى تحكمه في مكتسباته السابقة ، واستدراك ما ينقصه من مهارات ومعارف تؤهله لاكتساب أهداف المرحلة اللاحقة ...

ب ـ التقويم التكويني :

   تبرز أهمية هذا النوع في مواكبته للعملية التعليمية أثناء الإنجاز الصفي ، إذ يضبط الصعوبات التي تعترض المتعلم خلال الإنجاز، ويسمح للمدرس بتعديل أنشطته التعليمية لتذليل تلك الصعوبات ..ولذلك يعرفه LE GENDRE  في معجمه بأنه ذو وظيفة تشخيصية ، لأنه يمد
                                               
المدرس بمعلومات  مرتبطة بمدى اكتساب المتعلم للأهداف المحددة من أجل تعزيزها ، ورصد الصعوبات قصد تجاوزها . ويمكن حصر وظيفته الأساس في إخبار المدرس والتلميذ بدرجة تحكمهما في تعليم معين ، وكشف صعوبات التعلم ووسائل تجاوزها . (معجم علوم التربية)
                                                                    
جـ  ـ التـقويم الإجمـالي :

يشكل هذا النوع محطة مهمة في المسار التعليمي للتلاميذ ، إذ يعتمد لمعرفة مدى تحقق الأهداف / الكفايات  المنتظرة لوحدة / وحدات تعليمية قد تشمل دورة فصلية أو سنة دراسية .ويعرفه le gendre في معجمه التربوي بأنه  (نموذج للتقويم يستند إلى إجراءات اختبارية محكية أحيانا ، ومعيارية أحيانا أخرى ، تنجز بعد فترة زمنية دراسية ... للحكم على مدى تحقق أهداف البرنامج أوبعض أجزائه ... كما أنه يوفر المعطيات التي تسمح بالحكم على مكتسبات المتعلم والإقرار بكفاءته ...)
  ويلتقي هذا التعريف مع ما يشير إليه الدكتور محمد عيد ، عندما يرى أن هذا النوع ( يستخدم لإعطاء التقديرات أو التقرير لأولياء الأمور ، أو إعطاء الشهادات للتلاميذ في نهاية وحدات التدريس الكبيرة نسبيا ).
ويرى الأستاذ مادي لحسن أنه سمي بالتقويم الإجمالي ( لأنه يستعمل لتقييم كفاءة عامة وذلك بعد الانتهاء من الدرس أو سلسلة من الدروس ... ويستعمل لمعرفة المظهر الدراسي العام للتلميذ بعد تعرضه لسلسة من الدروس ... ولذلك لايجب أن يتوجه إلى جانب واحد مما تعلمه التلميذ ... )
يلاحظ أن هذه التعريفات تلتقي عند دلالة مركزية ، ترتبط بإجراء هذا التقويم عند نهاية مرحلة تعليمية ، لاختبار درجة تمكن المتعلم من المهارات والمعارف التي اكتسبها ، ولذلك تنحصر وظيفته في  الـتـــأكــد من مدى تحقق مستوى محدد .وتشكل  امتحانات البكالوريا نموذجا لهذا النوع ...
     وتأخذ هذه الأنواع من التقويم جملة إجراءات تقويمية تنتظمها أساليب متنوعة يمكن حصرها في فروض المراقبة المستمرة ، والامتحانات الدورية والنهائية .


= المراقبة المستمرة :
  المراقبة المستمرة إجراء بيداغوجي منظم، له مكانته المتميزة ضمن عناصر العملية التعليمية؛ حيث يسمح بتتبع أعمال التلاميذ الدراسية في مختلف جوانب التكوين: المعرفية والمهارية والسلوكية، وبتقويم أدائهم ورصد نتائجهم واستدراك نقط الضعف لديهم وتقويمها. كما أن المراقبة المستمرة تمكن المدرس من الحصول على معلومات حول فعالية الأدوات والعمليات التعليمية الموظفة، مما يساعده على مراجعة أساليبه وطرقه في التدريس ( المذكرة 145).
 إن المراقبة المستمرة أنشطة تعتمد على الملاحظة والتحليل للتأكد من مدى مطابقة العمليات المنجزة مع التوقعات المخططة، وذلك لتعديل سير أو فحوى العمليات وتصحيحها( معجم علوم التربية).وهي تقوم على أسلوبين متكاملين:
                                             
                                              
     أ. التقويم التتبعي لأنشطة التلاميذ، وهو الإجراء الذي يسمح بتتبع أعمال التلاميذ بكيفية دائمة، من خلال استثمار أنشطة عديدة ومتنوعة( حفظ النصوص واستظهارها وإعداد الدروس وتهييئ الواجبات والمشاركة في الأنشطة الصفية، وإنجاز مختلف التمارين والتطبيقات والأنشطة المتصلة بالإنتاج الكتابي بشكل عام، وبمهارات التعبير والإنشاء المدروسة.....).
     ب. الفروض الكتابية المحروسة: وهي فروض تقويمية شاملة تتوج العمليات التقويمية التي ينجزها الأستاذ مع تلاميذه في إطار أنشطة التقويم التتبعي.
تتكون هذه الفروض من وضعيات اختبارية تستهدف تقويم مكتسبات المتعلمين المعرفية والمنهجية والمهارية في مختلف مكونات المادة، ومعرفة مدى تقدمهم في الدروس، ورصد جوانب التعثر لديهم والحصول على تغذية راجعة لتقويم التعلمات.
 ويتم بناء هذه الفروض وفق ضوابط محددة نذكر منها:
               -- ضرورة بناء هذه الفروض تبعا لما تعرفه المقررات الدراسية من استحضار تدرج وتمايزالمقررات الدراسية بين المستويات.
               -- احترام شروط وضع الأسئلة واختيار النصوص، بحيث تكون الأسئلة واضحة ودقيقة في صياغتها لتناسب مستوى المتعلمين والمدة الزمنية المخصصة للإنجاز.
              -- تحديد معايير التصحيح تحديدا واضحا، وإعداد بطاقة لتصحيح كل فرض، من أجل استثمار النتائج في علاج مواطن النقص لدى المتعلمين في الحصص المخصصة للدعم والتثبيت.
إن الفروض الكتابية المحروسة، باعتبارطابعها التكويني، تسمح بإخبار المدرس والتلميذ معا بدرجة التحكم المحصل عليها، وباكتشاف مواطن الصعوبة التي يصادفها التلاميذ خلال تعلمهم، وبالكشف عن استراتيجيات تمكن من التحسين والتطوير، لتجاوز تلك الصعوبات(مرشدي، دليل الأستاذ/ س 3). وبناء عليه فإنه ينبغي الحرص على عدم التعامل مع الفروض الكتابية المحروسة تعاملا صوريا و الانتباه إلى عدم اختزال المراقبة المستمرة في شكل وحيد وواحد، هو الفرض المحروس، لأن ذلك يصادر دورها التكويني.
لقد اختلف الدارسون حول هوية المراقبة المستمرة ، أهي تقويم إجمالي أم تقويم تكويني ؟
ودفعا لكل جدل يمكن الاحتكام إلى الهدف من وراء اعتماد المراقبة المستمرة إجراء تقويميا ، مع استحضار إمكانات التقاطع بين التكويني والإجمالي . وينبغي في هذا السياق التذكير بأن وظيفة المراقبة المستمرة ، هي التخفيف من اعتباطية التقويم الإجمالي الذي قد تحضر فيه الصدفة عند اختبار المعلومات موضوع التقويم ، فبالرغم  من القول إن التلميذ يمتحن في مقرر السنة ، فإن تركيز الأسئلة على دروس محددة يترك هامش الحظ مفتوحا على احتمالات يراهن عليها التلاميذ أثناء إعداد الامتحانات ، لذلك  تسعى المراقبة  المستمرة إلى رصد المكتسبات في صيغتها الجزئية لتوفير تراكم أولي  يترجم درجة تحقق الأهداف / الكفايت المستهدفة ؛ وقد يطرح سؤال مصداقية المعدل المحصل من جمع نقط المراقبة المستمرة ( إذا افترضنا أن تلميذا حصل على معدل 10/20 بجمع النقطتين 14/20 + 06/20 ، فهل يدل معدل 10 على المكتسب الحقيقي الذي نطمئن إليه للحكم على مستوى هذا التلميذ ؟
 

Tags