الدعم التربوي هو كل الإجراءات والعمليات والأساليب والطرائق

الرايس

الدعم التربوي:

الدعم التربوي هو كل الإجراءات والعمليات والأساليب والطرائق، التي يوظفها المدرس رجل التربية من أجل مد يد العون والمساعدة للمتعلمين الذين يواجهون صعوبات في التحصيل أو في مواكبة زملائهم أثناء التعلم.
ومن الباحثين والمفكرين التربويين والمهتمين بحقل التربية من لا يوقف الدعم التربوي على الفئات المتعثرة من المتعلمين فقط، وإنما يعتبره حقا ينبغي أن تعود فوائده على المتفوقين والنجباء كذلك، خاصة إذا كانوا يشكلون أقلية داخل القسم الدراسي. ومبرر هذا المطلب يتمثل في أن تسليط العناية والاهتمام على المتعثرين وحدهم قد يشعر زملاءهم المتفوقين بنوع من الحرمان غير المبرر، الأمر الذي يحولهم إلى متعلمين سلبيين يخيم عليهم الفتور واللامبالاة، وقد يلتحقون بدورهم بصفوف المتعثرين، أو على الأقل يصبحون هم أيضا في حاجة إلى دعم خاص، بعد أن كان من الممكن الانتقال بهم إلى مستويات أعلى.
وإذن ينبغي أن يستفيد من الدعم التربوي جميع المتعلمين بمختلف مستوياتهم التحصيلية، شريطة اختيار الدعم المناسب لكل فئة منهم.
                                                
وعلى الرغم من وجود أنواع متعددة من الدعم التربوي كالدعم المؤسساتي والدعم الخارجي، فإننا لن نتحدث هنا سوى عن نوعين من الدعم:
1 - الدعم الذي يمكن أن ينجزه الأستاذ مع تلاميذه،أثناء إنجاز   دروسه، أي الدعم المندمج؛
2 – الدعم الذي تخصص له حصص بعينها بناء على تشخيصات موضوعية، فيكون آنذاك مطلبا تربويا وتعليميا وحقا أساسيا من حقوق المتعلمين، ويمكن أن ينجز داخل الفصل الدراسي كما في قاعة الخزانة المدرسية أو أي فضاء آخر يصلح لهذه المهمة.
وحتى لا يبقى الدعم التربوي مجرد " مراجعة " للدروس التي سبق تقديمها، فإنه من اللازم اعتماد معايير دقيقة في اختيار الفئات المحتاجة إلى الدعم، وفي اختيار المضمون الداعم وآليات تقديمه لمن يحتاجه، بما يسمح بتجاوز الصعوبات التي يواجهها المتعثرون، وبخلق نوع من الحافزية على المثابرة لدى المتفوقين.
ولن تتحقق هذه الأهداف دون أخذ ما يأتي بعين الاعتبار:                                      
       - بناء أدوات تشخيص ذات مصداقية ( روائز – تمارين – أنشطة – فروض ... ) تمكن الأستاذ من التعرف على مستويات تحصيل المتعلمين ودرجات تحكمهم في المعارف والمهارات تعرفا حقيقيا؛
       - الحرص على تصحيح منجزات المتعلمين بشكل موضوعي؛
       - مصاحبة المتعلمين والوصول بهم إلى قبول( الوجود ؟) في حالة تعثر، وحفزهم على طلب الدعم المناسب؛
       - تفييء المتعلمين بحسب مواطن التعثر والتفوق المحصل عليها بواسطة أداة التشخيص المعتمدة؛
       - بناء عدة الدعم المناسبة لكل فئة؛
       - بناء عدة للتحقق من أن الهدف من الدعم التربوي قد تحقق بالفعل.
       - تنويع أنشطة الدعم وتقنياته: أنشطة كتابية -  أنشطة شفوية – توظيف الوسائل السمعية البصرية – أنشطة المحاكاة وتبادل الأدوار – الموائد المستديرة – العروض – الاستعانة بموارد تربوية من المؤسسة أو من خارجها – الاستعانة بمنشطي الأندية التربوية داخل المؤسسة ...
وجدير بالتأكيد أن العلاقة بين التقويم والدعم على درجة من المتانة بحيث يصعب، حد الاستحالة، الفصل بينهما. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن أحسن طرائق الدعم تتمثل في أن تعرض أداة التقويم للمتعلمين وتقدم لهم المساعدة اللازمة لاكتشاف تعثراتهم، والبحث ،ضمن أداة الدعم المعدة لهم، للوقوف على تعثراتهم الحقيقية بأنفسهم أو بمساعدة زملائهم، على أن يكتفي المدرس بالتوجيه، وألا يتدخل إلا في حالة الاحتباس المعبر عنها من لدن المتعلمين.
وجدير بالتأكيد كذلك ألا يقع الأستاذ تحت ضغط طول البرنامج الدراسي والرغبة في إنهائه، وعليه أن يضع نصب عينيه، دائما، ألا فائدة ترجى من إنهاء برنامج دراسي والمتعلمون غير متحكمين فيه، وأن تراكم التعثرات والقفز عليها، بمبرر طول البرامج الدراسية، عامل حاسم في الفشل الدراسي، وفي الهدر المدرسي.


-- أمثلة ونماذج عن التفييء:


لنفترض أن الأستاذ قد مرر فرضا كتابيا متكاملا لفائدة تلاميذ السنة الثالثة الإعدادية. وبعد التصحيح سجل ما يأتي:

- ( 6 ) ستة تلاميذ لا يتحكمون في قاعدة حكم المستثنى بإلا إذا كانت جملة الاستثناء منفية؛

- ( 10 ) عشرة تلاميذ لا يتحكمون في قاعدة علامات إعراب المثنى؛

- ( 8 ) ثمانية تلاميذ لا يميزون بين الفعل اللازم والفعل المتعدي؛

- ( 4 ) أربعة تلاميذ لا يتقنون استعمال علامات الترقيم؛

 - ما تبقى من التلاميذ لم تظهر في إنجازاتهم تعثرات.

على ضوء هذه المعطيات يمكننا أن نختار بين إجرائين:

      الأول هو أن نختار نموذجا أو نماذج من كل خطإ من الأخطاء المذكورة أعلاه ونصححها جماعة على السبورة.
      الثاني هو أن نشكل مجموعات بعدد الأخطاء المرصودة وبحسب عدد مرتكبيها، ثم نكلف كل مجموعة بالتعرف على الخطإ ومحاولة تصحيحه، اعتمادا على خطة التصحيح التي أعدها الأستاذ، أو استنادا إلى تعاون الفريق من أجل اكتشاف الخطإ وتصحيحه.
في الإجراء الأول لا نتوفر على الضمانات التي بفضلها نجزم بأن المتعلم(س) الفلاني على وعي بالخطإ الذي ارتكبه أو التعثر الذي يعاني منه، ولا نتوفر بالتالي على ما يكفي من الطمأنينة على أن تصحيح الخطإ أو معالجة التعثر قد تحقق بالفعل، نظرا لأنه يمكن أن نطلب من أحد المتعلمين الذين ارتكبوا الخطأ أن يصححه على السبورة فيتوفق ويعتقد الأستاذ بأن كل مرتكبي ذلك الخطأ قد لايعودون إلى ارتكابه.
أما في الإجراء الثاني، فإننا على قدر غير يسير من الاطمئنان إلى كون كل متعلم من كل مجموعة سيتوصل إلى التعرف على تعثره، وسيصل بمساعدة زملائه في نفس المجموعة إلى معالجة التعثر.
                                                 
وفي حالة ما إذا لم تتحقق الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها بهذا الإجراء أو بذاك ،فإنه لا مندوحة من إعداد خطة للدعم يستفيد منها كل المتعلمين، بمن فيهم المتفوقون؛
كيف ذلك؟
في بعض الحالات يمكن للأستاذ أن يستعين في و يتم ذلك من خلال دعم المتعثرين بالمتفوقين، بحيث يجعل أحد المتفوقين واحدا منهم أو أكثر، على رأس مجموعة من المتعثرين الذين لا يتحكمون في معرفة ما أو مهارة ما، فيساعدونهم على التعرف على أخطائهم وعلى تجاوزها. وهي طريقة ناجعة في تصحيح التعثرات، لأنها تندرج ضمن بيداغوجيا التعلم بواسطة القرين التي أثبتت الدراسات فعاليتها. ولكن من سلبيات المبالغة في الاعتماد عليها أنها تحرم المتفوقين من تعلمات جديدة. لذلك ينبغي أن تعطى لهذه الفئة ، بين الفينة والأخرى، إمكانيات جديدة للتقوية والتعزيز، سواء فرادى أو داخل مجموعات، كأن يكلفوا بقراءة نص سردي قصير، مثلا، ويستخرجوا عناصره الفنية ويناقشوا مضمونه ثم يقدموا تقريرا شفويا لزملائهم عما قاموا به.


                ( إن من يريد أن يقوم كل شيء لا يقوم أي شيء )






Tags